المؤسسات الخيرية في قطر.. ريادة في الدعم لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار عالمياً



 يشهد قطاع العمل الإنساني "الإغاثي والتنموي" بدولة قطر نموا وتطورا ملحوظا، خاصة خلال العقدين الأخيرين، ليشكل أحد المسارات التي أرست خلالها الدولة نهجا جديدا في النهوض بالمجتمعات والدول المحتاجة، وعلى رأسها الدول الأقل نموا، فضلا عن الدول التي تتعرض للمحن والكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية.


ويستمد العمل الخيري والإنساني الذي تضطلع به المؤسسات الإنسانية القطرية قوته وفلسفته من المجتمع القطري بقيمه الدينية وثقافته الإنسانية العالمية، وتفاعله الحضاري مع المجتمع الإنساني، ومن تقاليده العريقة في نجدة المحتاج وإغاثة الملهوف، حيث سجل مواقف مشرفة في مساندته للضعفاء وضحايا الأزمات الإنسانية، ليأتي العمل الخيري في رسالته ومهمته انعكاسا لكل هذه القيم والتقاليد والمبادئ الإنسانية.


وتخوض البلدان الأقل نموا في العالم سباقا مع الزمن لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وتستضيف دولة قطر مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الأقل نموا، الأحد المقبل على مدار خمسة أيام، في الفترة من 5 إلى 9 مارس الجاري، وسيوفر المؤتمر محفلا لرؤساء الدول والحكومات من أجل التصدي للتحديات الراهنة، والحصول على الدعم الدولي، وتعزيز الشراكات.


ويمثل مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا فرصة لتسريع التنمية المستدامة في المناطق الأكثر حاجة إلى المساعدة الدولية، والاستفادة من الإمكانات الكاملة لأقل البلدان نموا البالغ عددها 46 بلدا، على نحو يساعدها على التقدم نحو الازدهار، والتمكن من المضي قدما نحو تحقيق التنمية المستدامة.


وقد عملت دولة قطر بكل جهد لرعاية وتنمية العمل الخيري والإنساني وتطويره على أسس سليمة وقواعد راسخة، تراعي المبادئ التي أقرها الإسلام في عمل الخير، وتستجيب للمعايير الدولية التي تطورت بفعل التلاقح الثقافي والحضاري بين الشعوب.


وفي هذا السياق، أنشأت دولة قطر جهازا حكوميا ينظم هذه الجهود الخيرة، "فكانت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية تباشر الدعم والتوجيه والمراقبة والإشراف من خلال التواصل المباشر، ومن خلال وضع اللوائح والقوانين والأدلة لتسترشد بها المنظمات والجمعيات والهيئات على اختلاف مشاربها ومجالات عملها وأماكن تغطيتها".


وساهمت عملية التنظيم والإشراف ووضع المعايير للعمل الخيري والإنساني بالدولة في اتساع خريطة التدخلات الإنسانية للمؤسسات الخيرية القطرية، والتي واكبت التوجهات الدولية في خطط التنمية، فعملت بكل احترافية في مجالات دعم التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي بمختلف تنوعاتها وتفريعاتها، وقدمت نموذجا في بناء الشراكات مع المؤسسات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وراعت بكل دقة أهداف التنمية المستدامة 2030، والأهداف المرتبطة بالعمل الإنساني والتنموي.


وتشير إحصاءات هيئة تنظيم الأعمال الخيرية إلى أن عدد الجمعيات والمؤسسات الخاصة الخيرية المسجلة لديها تزيد على عشر، وتضطلع بأدوار مختلفة، على الصعيد المحلي، برز بعضها على الساحة الدولية مساهما ومشاركا في العمل الإنساني، بالتعاون والشراكة مع مؤسسات محلية معتمدة في الدول المستفيدة أو مع المنظمات والوكالات الدولية العاملة في المجال الإغاثي والتنموي.


وتؤكد دولة قطر دوما على أهمية حشد الموارد لمواجهة تحديات التنمية، ودور العمل الإنساني في هذا الميدان، وهذا ما عبر عنه سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية في الفعالية الرفيعة المستوى حول الاستثمار في التعليم والمهارات والتوظيف في قطاع الصحة بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، حيث قال: "إن دولة قطر ستواصل العمل كشريك فاعل في المجتمع الدولي لتعزيز وتحقيق الأهداف المرتبطة بالعمل الإنساني والتنموي وحقوق الإنسان، وحشد كل الموارد التي يمكن استخدامها للمساعدة في تحديث وتطوير القطاع الاجتماعي والصحي في الدول المحتاجة".


وأشار سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية إلى أن دولة قطر تسهم بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، من خلال تقديم الدعم والمساندة الفعالة في مواجهة التحديات والأزمات الإنسانية والاقتصادية، وذلك بالتضامن مع الجهود الدولية التي تهدف لنشر الأمن والسلام وضمان الحياة الكريمة للإنسان.


وكانت المؤسسات والجمعيات الخيرية القطرية جزءا مهما من هذا الدور الداعم والمساند للمجتمع الدولي في مواجهة تحديات التنمية والأزمات الإنسانية، ونشير هنا -على سبيل المثال لا الحصر- إلى نموذجين قطريين مهمين هما الهلال الأحمر القطري وجمعية قطر الخيرية، اللذين يملكان رصيدا في العمل الإنساني يحظى بتقدير العالم.


وتشير إحصاءات الهلال الأحمر القطري التي حصلت عليها وكالة الأنباء القطرية /قنا/ إلى أنه نفذ مشاريع بقيمة تجاوزت 3 مليارات وربع المليار ريال قطري بين عامي 2016 و2022، واستفاد منها نحو 63 مليون شخص في 57 بلدا.


وتشمل تلك المشاريع مختلف قطاعات التنمية والإغاثة، مثل: الرعاية الصحية، والمياه، والإصحاح، والإيواء، والغذاء، والتعليم، والتمكين الاقتصادي، والرعاية الاجتماعية، إلى جانب التدخلات والمبادرات الإنسانية والتطوعية والشبابية داخل الدولة وخارجها.


وللتنفيذ والإشراف على هذه المشاريع والتدخلات، يمتلك الهلال الأحمر القطري 14 مكتبا وبعثة تمثيلية خارج دولة قطر، يعمل فيها 385 موظفا إلى جانب 27546 متطوعا ومتطوعة في البلدان المستهدفة بالتدخل الإنساني والتنموي.


وتعد الشراكات المحلية والدولية من الأسس التي يستند إليها الهلال الأحمر في تدخلاته التنموية الدولية، حيث يؤكد باستمرار على أهمية الشراكة والتعاون في إنجاح العمل الخيري والإنساني "إذ لا تستطيع أي جهة إنسانية أن تقوم منفردة بأعباء الإغاثة والتنمية دون أن تتضافر جهودها ومواردها مع غيرها من الهيئات الدولية والشركات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، تفعيلا لمبدأ المسؤولية الاجتماعية، وحشدا للدعم على كافة المستويات، سواء من الأفراد أو المؤسسات".


ومن هذا المنطلق، وصل عدد الجهات الشريكة للهلال الأحمر القطري إلى أكثر من 100 جهة، أبرم معها اتفاقيات ومذكرات تفاهم "كإطار عمل قانوني للتنسيق، وتبادل الخبرات، وتكامل الجهود التنفيذية".


ومن أبرز هذه الجهات منظمة الصحة العالمية، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وبرنامج الأغذية العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين /الأونروا/، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة /اليونسيف/، ومنظمة العمل الدولية في البلدان العربية، ووكالة الأمم المتحدة للهجرة، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، واللجنة الإسلامية للهلال الأحمر الدولي، وأطباء بلا حدود، والبنك الإسلامي للتنمية، والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي.. وغيرها الكثير من المؤسسات والمنظمات الدولية، إلى جانب المؤسسات الحكومية والمحلية في معظم بلدان العالم.


ولتعزيز شراكاته واستعداداته للمرحلة المقبلة في إطار التأهب الدولي لدعم الدول الأقل نموا، يستعد الهلال الأحمر القطري للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الأقل نموا، وتتمثل مشاركته في إقامة جناح مشترك مع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بعنوان "العمل بقيادة محلية هو المفتاح"، بالإضافة إلى تنظيم جلسة نقاشية حول الموضوع نفسه يوم 6 مارس.


ويقول سعادة السفير علي بن حسن الحمادي الأمين العام للهلال الأحمر في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن الهلال الأحمر يتطلع إلى مواصلة دوره الإنساني الفاعل كجمعية وطنية ممثلة لدولة قطر في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.


ويضيف: "نحن نعتبر هذا المؤتمر الدولي فرصة لطرح رؤيتنا المستقبلية بشأن سبل تفعيل أهداف التنمية المستدامة لصالح الشعوب الأقل حظا، وكيف يمكن مساعدتها على التغلب على ما تواجهه من تحديات، وبلوغ تطلعاتها نحو التنمية والاستقرار ورفع مستوى المعيشة".


من جانبها، تعمل جمعية قطر الخيرية عن قرب مع المجتمعات المتضررة من الكوارث والأزمات، وكذلك المجتمعات المحتاجة لتقييم احتياجاتها بفاعلية من أجل تقديم تدخلات تنموية واستجابة إنسانية فعالة، منسقة ومتكاملة، وفي الوقت المناسب تلبي احتياجاتها.


وتغطي مشاريع /قطر الخيرية/ أكثر من 70 دولة حول العالم، ولها 34 مكتبا دوليا ميدانيا، وتسعى لافتتاح عدد آخر من المكاتب في دول معظمها في القارة الإفريقية. في إطار توجه يستوعب التحديات التي تواجه الدول الفقيرة والأقل نموا في مختلف أقاليم العالم.


ونجحت الجمعية في بناء شراكات مهمة مع المنظمات الأممية والدولية بهدف خدمة القضايا الإنسانية والتنموية عبر العالم، وبالأخص في مناطق الكوارث والأزمات، ومن تلك المنظمات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومنظمة الهجرة الدولية، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة اليونيسيف، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها من المنظمات.


كما حصلت /قطر الخيرية/ على الصفة الاستشارية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة منذ عام 1997، كما تعد عضوا مراقبا في منظمة الهجرة العالمية منذ عام 2004، وعضوا منتسبا في إدارة التواصل العالمي التابعة للأمم المتحدة منذ 2019، كما أنها عضو في الشبكة العالمية (ستارت نت ورك) البريطانية منذ عام 2017.


وفي ضوء تلك الشراكات، والجهود الدؤوبة لـ /قطر الخيرية/، بلغ عدد المشاريع التي نفذتها الجمعية في المجال التنموي لصالح عدد من الدول الأقل نموا في الفترة من (2018 وحتى 2022 ) أكثر من 110,627 مشروعا، بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 2.5 مليار ريال قطري، استفاد منها أكثر من 55 مليون شخص.


وتندرج هذه المشاريع، التي نفذت في الدول الأقل نموا، ضمن قطاعات عمل /قطر الخيرية/ التنموية الرئيسية وهي: الأمن الغذائي، والصحة، والمياه، والإصحاح، والتمكين الاقتصادي، وسبل العيش، والرعاية الاجتماعية، والإيواء والسكن الاجتماعي، والسلام والوئام الاجتماعي، إضافة إلى التعليم والثقافة والمراكز متعددة الخدمات.


وتم تنفيذ هذه المشاريع في عدد من الدول الإفريقية والآسيوية منها بنغلاديش والنيجر والسودان واليمن والصومال ومالي وكينيا وباكستان وتنزانيا وتشاد وقرغيزستان وبوركينا فاسو، وغيرها من الدول.


وقال السيد عبدالعزيز جاسم حجي مدير إدارة البرامج والتنمية الدولية بـ /قطر الخيرية/ لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: "إن /قطر الخيرية/ سعت منذ تأسيسها باعتبارها منظمة إنسانية دولية تعمل في 70 دولة حول العالم، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، المتمثلة في مكافحة الفقر، والقضاء على الجوع، ودعم قطاعي الصحة والتعليم حتى تتمتع المجتمعات والشعوب في الدول الفقيرة والأقل نموا بحقها في التنمية والعيش بكرامة وأمن وسلام".


وأكد حرص /قطر الخيرية/ في مختلف مشاريعها وبرامجها الإنسانية على أن تحصل كل الفئات المستضعفة والمتأثرة بالأزمات على حقوقها الأساسية دون تمييز، وهو ما يعكس رؤيتها في مجال العمل التنموي وإحداث أثر في حياة المستفيدين.


ونوه بأن /قطر الخيرية/ تحرص على تنفيذ هذه المشاريع عبر مكاتبها الميدانية في أكثر من 34 دولة، وعبر شراكاتها مع المنظمات الدولية وشركائها المحليين.


ولا يقف العمل الإنساني في دولة قطر عند هذا الحد، فإلى جانب هاتين المؤسستين العريقتين تشارك مؤسسات قطرية أخرى في الحراك الإنساني الدولي، منها على سبيل المثال لا الحصر، مؤسسة "التعليم فوق الجميع"، وهي المبادرة العالمية التي أسستها صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر في عام 2012، وتعمل على توفير الفرص التعليمية، وخاصة في المجتمعات التي تعاني من الفقر والنزاعات، وتهدف إلى ضمان فرصة التعليم النوعي والمنصف والشامل للفئات المستضعفة والمهمشة، لا سيما في الدول النامية، باعتباره عاملا تمكينيا للتنمية البشرية.


وإلى جانبها تأتي مؤسسة صلتك.. التي أسستها كذلك صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، وتسعى المؤسسة إلى مواجهة البطالة، وتعزيز فرص العمل أمام الشباب أينما كانوا، وتوفير الموارد اللازمة لتنمية مشاريعهم، وذلك عن طريق تقديم الحلول الواسعة والمبتكرة في مجال التوظيف، من خلال العمل مع الشركاء المحليين والإقليميين والدوليين.


كما تشجع المؤسسة على خلق فرص العمل على نطاق واسع، وريادة الأعمال، والوصول إلى رأس المال والأسواق، ومشاركة الشباب في التنمية الاقتصادية، وبالتالي المساهمة في تحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة.


لقد ساهمت هذه المؤسسات وغيرها في جعل دولة قطر عاصمة العمل الإنساني في العالم، وتجربتها في هذا المجال تشكل بحق مصدر إلهام للدول والمنظمات الإنسانية والتنموية، وقد لمست المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التميز القطري في هذا المجال، واعتبرته نموذجا رائدا على المستوى الإقليمي والعالمي، حيث تؤكد أن "دولة قطر اتبعت نهجا إنسانيا قويا في مجال العمل الإنساني، وكانت مثالا يحتذى به على مستوى المنطقة والعالم".


ولعل مؤتمر الأمم المتحدة الخامس للدول الأقل نموا بالدوحة سيتيح للعالم بدوله ومنظماته الوقوف على هذه التجربة، والاستفادة منها في مواجهة التحديات التنموية والاحتياجات الإنسانية التي تتزايد باستمرار بفعل الأزمات والكوارث الطبيعية.


ومن المهم الإشارة هنا إلى تقديرات الأمم المتحدة بأن عددا قياسيا من الأشخاص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية خلال العام الجاري يصل عددهم إلى 339 مليون شخص في 68 دولة، أي بزيادة حوالي 65 مليون شخص عن عام 2022، وستصل التكلفة التقديرية للاستجابة الإنسانية إلى 51.5 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 25 في المئة مقارنة مع العام 2022.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة