أكد خبراء اقتصاديون أهمية مشاريع وبرامج الطاقة المتجددة التي يجري تنفيذها ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، والتي تستند إلى خطة وطنية مدروسة للانتقال نحو الطاقة النظيفة، حيث تستعد قطر لدخول مرحلة إنتاج بعض مكونات الألواح الشمسية، كما ستقوم شركة قطر لتقنيات الطاقة الشمسية بإنتاج البولي سيليكون، التي تدخل في إنتاج الرقاقات التي منها تنتج الخلايا الشمسية، والتي يرجح معها أن تصبح قطر واحدة من الدول المصدرة للبولي سيليكون. وتوقع الخبراء أن تتصدر قطر إنتاج الأمونيا الزرقاء في العالم، بفضل إنتاجها الضخم من الغاز، والاستثمارات الضخمة المتوقع ضخها لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
قال الخبير البيئي والاقتصادي الدكتور سيف الحجري: إن الطاقة النظيفة والمتجددة هي الحل الأمثل لمواجهة التحديات المناخية، مشيراً إلى أن دولة قطر ضمنت هذا الحل الاستراتيجي ضمن رؤيتها الوطنية 2030 التي تعتبر الركيزة البيئية من أهم ركائزها، كما استحدثت القطاعات الحكومية الكفيلة بمتابعة وتنفيذ هذه الرؤية لتحقيق أهدافها المهمة سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو البيئي. وأضاف الدكتور الحجري إن قطر وضعت ضمن هذه الرؤية العمل بجدية للانتقال من الاعتماد الكلي على الطاقة الأحفورية إلى التنويع بقطاع الطاقة والتركيز على الطاقة النظيفة والمتجددة، وفي هذا الصدد أعلنت أواخر أغسطس 2022 عن طموحها لإنتاج أكثر من 5 آلاف ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2035، من خلال توسيع محطة الخرسعة التي تنتج ما يعادل 10 % من ذروة استهلاك البلاد من الطاقة الكهربائية، وإنشاء محطتين ضخمتين للطاقة الشمسية، ففي 16 أكتوبر الماضي وقبيل افتتاح محطة الخرسعة، وقعت شركة قطر للطاقة للحلول المتجددة مع شركة سامسونغ سي آند تي الكورية الجنوبية اتفاقا لتنفيذ مشروع محطتين للطاقة الشمسية بتكلفة استثمارية تفوق 630 مليون دولار، ويبلغ إجمالي إنتاج المحطتين 875 ميغاواط، حيث تنتج الأولى بمدينة مسيعيد الصناعية 417 ميغاواط، والثانية بمدينة رأس لفان الصناعية بقدرة 458 ميغاواط، ومن المرتقب أن تدخل المحطتان الخدمة بحلول 2024، ما سيضاعف إنتاج البلاد من الطاقة الشمسية من 800 ميغاواط حاليا إلى 1675 ميغاواط. وأشار الدكتور الحجري إلى وجود مشروعين في طور الإنشاء في مدينتي مسيعيد ورأس لفان الصناعيتين، وهذا ضمن خطة وطنية مدروسة للانتقال نحو الطاقة المتجددة، ويأتي ضمن هذه الخطة إنشاء مدن ذكية وصديقة للبيئة كما هو الحال في مدينة مشيرب والمدينة التعليمية ولوسيل التي تعتمد في جميع مبانيها وبنيتها التحتية على مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة.
في هذا الإطار، أكد المهندس مشعل الشمري، مدير أول، المبادرات الاستراتيجية والشراكات في مركز إرثنا «إرثنا – مركز لمستقبل مستدام» الذي أسسته مؤسسة قطر أن المركز مبني على الإرث الذي صنعته مؤسسة قطر خلال السنوات العشر الماضية في مجال الأبحاث العلمية المتعلقة بالبيئة والبرامج الفنية والبرامج المجتمعية بهدف تشييد مستقبل أكثر استدامة، كما يعمل المركز على مواصلة الجهود الرامية إلى تعزيز تبني السلوكيات والممارسات المستدامة. وقال المهندس الشمري إنه خلال العقد الماضي، عززت قطر جهودها لتعزيز ودعم الجهود المبذولة لخلق ونشر ثقافة الاستدامة. ومع تنظيم كأس العالم 2022، والتي كانت الحدث الرياضي الأكثر استدامة عبر التاريخ أصبحت رحلة الاستدامة أسرع وأكثر واقعية. وأضاف المهندس الشمري أن قطر من خلال هذا العمل أصبحت تؤسس مدنا صحية ومستدامة للمجتمع. وأضاف الشمري إن قطر تصنف اليوم في المراتب الأولى في مجال المباني الخضراء بين دول المنطقة، حيث مكنها عدد المباني الخضراء المتواجدة في الدولة من احتلال المركز الثاني بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا المجال. ونوه الشمري إلى البرامج الصديقة للبيئة والتي تعزز خطط التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة، وذلك من قبيل برنامج المفتاح الأخضر الذي يهتم بالاستدامة في مجال الفنادق، حيث حصلت عشرات الفنادق المحلية على تقييم المفتاح الأخضر كما توجد برامج أخرى تتعلق بمجالات عمل مجلس قطر للمباني الخضراء على غرار برنامج المدارس الصديقة للبيئة، حيث حصلت مدارس عديدة على التقييم المتعلق بالمدارس الصديقة للبيئة ضمن 30 مدرسة حاصلة أو مؤهلة للحصول على الاعتماد. هذا بالنظر إلى العديد من من البرامج الأخرى مع كل من وزارة البلدية وقطر للسياحة وغيرها من المؤسسات الوطنية التي تهدف إلى تعزيز ثقافة الاستدامة والحفاظ على البيئة ونمط الحياة الصحية في المجتمع.
قال رجل الأعمال السيد منصور المنصور: إن المصانع القطرية تشهد انطلاقة حقيقية نحو الطاقة النظيفة، وذلك من خلال برامج التصنيع والتشعيل والبنية التحتية التي تقوم عليها هذه المصانع في مختلف مراحل الإنتاج وفي جميع المجالات سواء كانت صناعية أو بتروكيماوية أو طبية أو في المجالات الغذائية. ونوه في هذا الصدد بحصول العديد من المصانع على شهادات الجودة المعتمدة عالميا، وهو ما يجعل المنتج الوطني منتجا عالي الجودة وتنافسيا بالمقارنة مع المنتجات الأخرى.
وقال المنصور: إنه دولة قطر دخلت سوق المنافسة لإنتاج الطاقات المتجددة عام 2022، بالتزامن مع احتضانها لكأس العالم التي توصف بأنها أحدث نسخة صديقة للبيئة في تاريخ المونديال، مشيراً إلى أن قطر دشنت انطلاقاتها العام الماضي بافتتاح أحد أكبر محطات إنتاج الطاقة الشمسية في منطقة الخليج، وأطلقت أكبر مشروع في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء، بالإضافة إلى اعتزامها استثمار مئات ملايين الدولارات في الخارج لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء. وأشاد المنصور بما حققته الدولة من نجاح في افتتاح أول محطة للطاقة الشمسية بالبلاد في أكتوبر الماضي، حيث صنفت محطة الخرسعة للطاقة الشمسية ثالث أكبر مشروع كهروضوئي أحادي في العالم؛ إذ تبلغ قدرة إنتاجها 800 ميغاواط، أو ما يعادل 10 بالمائة من ذروة استهلاك البلاد من الطاقة الكهربائية، ما يعادل استهلاك 55 ألف منزل، وفق بيانات رسمية، وبإمكان هذه المحطة تخفيض نحو 26 مليون طن من الانبعاثات الكربونية الضارة طوال فترة المشروع، بمعدل مليون طن سنويا.