ضمن خططها لتحقيق رؤيتها لعام 2030، تسعى قطر إلى النهوض بالقطاع الزراعي في الدولة، والوصول به إلى أعلى المستويات التي تسمح له بتغطية الحاجات المحلية بأكبر نسبة ممكنة من المحاصيل الزراعية، والتقليل من الاعتماد على الاستيراد، وفي هذا الصدد كشفت مؤسسة العطية في ورقة بحثية أصدرتها مؤخراً حول تقنيات ما يعرف باسم "الزراعة الشمسية"، أو Agrivoltaics وتختصر عادة بـ "Agri-PV"ستغير بطريقة ثورية إنتاج الغذاء والطاقة في بعض أكثر المناطق تضرراً بالتغير المناخي بما فيها منطقة الشرق الأوسط، التي تعد الدوحة واحدة من أهم أجزائها.
ويتم تطبيق تقنية الزراعة الشمسية من خلال تطوير مساحة من الأرض للزراعة وإنتاج الكهرباء باستخدام الخلايا الكهروضوئية في نفس الوقت، وتتضمن تلك الممارسة، المعروفة أيضًا باسم "الطاقة الشمسية مزدوجة الاستخدام"، ضبط ارتفاع الألواح الشمسية إلى ما يصل إلى 14 قدمًا، بالإضافة إلى ضبط المسافة بين الألواح لتتسع للمعدات والعمال والمحاصيل وحيوانات المزرعة. وتتيح المسافة وزاوية الألواح الشمسية وصول الضوء إلى النباتات الموجودة تحتها، كما توفر فائدة إضافية تكمن بحماية تلك المحاصيل من درجات الحرارة المرتفعة
وعادةً ما يتم نقل الكهرباء التي تنتج في المزرعة إلى الشبكة الكهربائية من خلال محطات الطاقة الكهربائية القريبة. وعلى الرغم من أن بعض الكهرباء قد تستهلك في المزرعة المضيفة، إلا أن تلك المشاريع مصممة لتوفير الطاقة للاستخدام العام وتوفير مصدر بديل للدخل لأصحاب الأراضي الزراعية.
وتمت تطبيق تلك الفكرة لأول مرة في ألمانيا عام 1981، إلا أنها حظيت بزخم عالمي مؤخرًا نتيجة الاهتمام المتزايد بالاستثمارات المستدامة، والطلب على الطاقة المتجددة، وانخفاض تكاليف تقنيات الطاقة الشمسية.
وقد زادت القدرة الاجمالية لأنظمة الزراعة الشمسية في جميع أنحاء العالم من 5 ميغاوات في عام 2012 إلى أكثر من 14,000 في عام 2020، علاوة على وجود برامج تمويل وطنية لهذه المشاريع في الصين وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
وتبين من خلال التعاون البحثي بين جامعة شيفيلد والزراعة العالمية، ومركز "World Agroforestry"، ومعهد ريادة الأعمال الزراعية في مقاطعة كاجيادو شبه الصحراوية، التي تقع على بعد حوالي 100 كم جنوب العاصمة الكينية نيروبي، الإمكانات الكبيرة لتلك التقنية في ظل ظروف مناخية قاسية وأجواء حارة جداً.
وفي الموقع الذي تمت فيه إقامة المشروع التجريبي، تميزت النباتات المزروعة تحت ألواح الطاقة الشمسية، مثل الكرنب، بحجم أكبر بمقدار الثلث، مقارنة بتلك المزروعة في ظروف مشابهة من حيث الأسمدة والماء. كما أظهرت محاصيل أخرى مثل الباذنجان والخس نتائج مماثلة، علاوة على أن الذرة المزروعة تحت الألواح كانت أطول وأكثر نضجا.
وقال الدكتور ريتشارد راندل بوجيس، الباحث في مشروع الاستغلال الشمسي المزدوج التابع لجامعة شيفيلد، إن الألواح الشمسية تحمي المزروعات من الشمس والأشعة فوق البنفسجية (UV) وتولد طاقة كهربائية أعلى، كما تقلل كمية المياه المطلوبة للري بنسبة 47 في المائة. وتعد هذه التقنية ذات أهمية خاصة في بلدان مثل كينيا، حيث يؤثر الجفاف الناجم عن الاحتباس الحراري على الأمن الغذائي والمائي بشكل كبير، كما أن شراء الكهرباء من الشبكة الوطنية هناك يزيد كاهل المزارعين بأعباء مالية كبيرة.
واضاف الدكتور ر يتشارد قائلاً "لقد خفضنا اعتماد المزارعين على شبكة الكهرباء الوطنية، وعززنا اكتفاءهم الذاتي من الكهرباء، علاوة على زيادة قدرتهم على مواجهة تحديات التغير المناخي، وخلق بيئة زراعية أكثر ملاءمة وقدرة على تحمل الظروف القاسية".
وفي العقود القادمة، سيزداد الطلب على الغذاء والمياه والطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نتيجة للنمو السكاني وتفاقم الوضع المناخي. ومن المرجح أن يزيد هذا من ندرة الأراضي الصالحة للزراعة، مما يشكل تهديدًا إضافيًا للأمن الغذائي في المنطقة. وللزراعة الشمسية فوائد عدة على سلاسل الإنتاج الزراعي، وتسهم في توفير الأمن الغذائي، وتعزيز الإنتاج الزراعي، وتساعد في تنويع الدخل. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تسهم الزراعة الشمسية في تقليل انبعاثات غازات الدفيئة، ومساعدة قطاع الزراعة والأغذية على التكيف مع آثار التغير المناخي.