من خلال المخطوطات وصلتنا السنة النبوية وذخائر التراث العربي والإسلامي منذ بدء التدوين والكتابة العربية في القرون الأولى للتاريخ الإسلامي، ومنها وصلنا إلى فكر السابقين وإبداعهم، ومستودع رؤيتهم للكون والحياة ، وفي العصر الحديث ازدهرت ثقافة المخطوط في العالم الإسلامي مع نمو مؤسساته التعليمية، ووضعت تقنيات لكافة جوانب الإنتاج المادي للكتاب المخطوط ولنشره وتوزيعه.
وقد اختارت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم /ألكسو/، بمبادرة من معهد المخطوطات العربية، الرابع من أبريل من كل عام يوم المخطوط العربي ليكون يوم توعية إقليمي بالمخطوطات العربية وأهميتها، وتستمر فعالياته طوال شهر أبريل حيث تحتفل به الدول العربية الأعضاء، كما تحتفل به أحيانا جهات إسلامية وأجنبية وجاء شعار احتفالية هذا العام /المخطوط في زمن العولمة/.
في البداية يروي السيد محمد همام فكري مستشار التراث والكتب النادرة بمكتب المستشار الثقافي في مؤسسة قطر في حديثه لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، تاريخ المخطوط في دولة قطر فيقول: عرفت قطر المخطوط العربي منذ زمن بعيد إذ كان يحرص أهل قطر على اقتناء المخطوط حال ذهابهم لأداء فريضة الحج ففي كل عام كان شيوخ ووجهاء قطر يحرصون على جلب هذه المخطوطات ليتدارسونها في مجالسهم طوال العام، ويوصي بعضهم الآخر باقتناء بعض الكتب، ثم سرعان ما انتقلت هذه الظاهرة لينشئ البعض مكتبات خاصة كان المخطوط له نصيب منها.
وأضاف تبارى البعض في الاعتناء بالمخطوط والقيام بتحقيقه فكان يعهد لعدد من الباحثين القيام بتحقيق المخطوط ثم طباعته على نفقة شيوخ قطر، مشيرا إلى تميز حكام قطر عن غيرهم بأنهم كانوا يوقفون المخطوطات على طلاب العلم، وإعادة تحقيق ونشر المخطوطات على الطلاب والباحثين في مختلف البلدان الإسلامية، منوها بإسهام الشيخ المؤسس جاسم بن محمد بن ثاني /طيب الله ثراه/، واعتنائه بالمخطوط الإسلامي كمصدر للدرس والعلم ومن بعده ابنه الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني الذي أوقف عددا من المخطوطات والكتب المطبوعة على طلاب العلم، وكذلك الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني الذي عرف بحبه للعلم وبشكل خاص طبع العديد من الكتب من مصدر المخطوط إلى المطبوع ثم توزيعها على طلاب العلم في مختلف البلدان، وعندما انتهت فترة حكمه كان أوقف كتبه في مكتبة دار الكتب القطرية ومكتبات أخرى في بلدان مجاورة في كل من الأحساء والبحرين.
وأوضح السيد محمد همام فكري، أن المجموعة التي أوقفها الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني كانت نواة لقسم المخطوطات في دار الكتب القطرية ليتواصل الاهتمام بالمخطوط من أبناء قطر، لاسيما الميسورين منهم، مشيرا إلى أنه في العصر الحديث تبني عدد من أبناء قطر مشاريع كان القصد منها جمع المخطوط العربي والإسلامي وجلبه إلى قطر والاهتمام به وترميمه، وتكوين مجموعات ذاع صيتها بين الناس ومن أهمها كانت مكتبة الشيخ حسن بن محمد آل ثاني التي أصبحت المجموعة التراثية في مكتبة قطر الوطنية وتشتمل على أكثر من أربعة آلاف مخطوط من عيون ونفائس المخطوطات العربية والإسلامية التي تتميز بها مكتبة قطر الوطنية الآن.