بدء أمس مؤتمر الاسواق رأسس المال العربية
عقد أمس المؤتمر الثالث لأسواق رأس المال العربية، بحضور كل من سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي ورئيس مجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية، وسعادة الشيخ محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني وزير التجارة والصناعة.
وهدف المؤتمر الذي نظمته هيئة قطر للأسواق المالية بالتعاون مع اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية تحت شعار "الابتكار والذكاء الاصطناعي والاستدامة: الفرص والتحديات"، إلى مناقشة الاتجاهات المستقبلية للعلاقة بين الذكاء الاصطناعي وإدارة أسواق رأس المال العربية، كما يبحث في تصاعد دور الذكاء الاصطناعي في تطبيق الحوكمة والاستدامة المالية والمسؤولية الاجتماعية في تلك الأسواق، إضافة إلى تصاعد أهمية التقنيات التكنولوجية في إدارة المخاطر التي تواجه أسواق رأس المال العربية.
وفي بداية أعمال المؤتمر قال الدكتور طامي بن أحمد البنعلي، الرئيس التنفيذي لهيئة قطر للأسواق المالية في كلمة افتتاحية، إن اختيار موضوع "الابتكار والذكاء الاصطناعي والاستدامة: الفرص والتحديات"؛ عنوانا رئيسا للمؤتمر الثالث للأسواق المالية العربية فرضته التغيرات والتطورات التكنولوجية المتسارعة، يعبر بشكل واضح، عن توجه واهتمام النسخة الحالية من هذا المؤتمر، الذي يتمحور بشكل رئيسي حول الفرص والتحديات التي تواجه أسواق رأس المال العربية في ظل التطورات التكنولوجية.
وأضاف أن موضوعات التحول الرقمي تأتي ضمن أهم الأولويات والمحاور الاستراتيجية لأسواق المال العربية، ولا سيما في قطر حيث جاء التحول الرقمي ضمن أهم المحاور الرئيسية في استراتيجية القطاع المالي للدولة واستراتيجية هيئة قطر للأسواق المالية، معربا عن تطلعه لأن يشكل هذا المؤتمر قيمة معرفية مضافة لأسواق رأس المال العربية؛ بما ينعكس على أدائها العام واستقرارها وقدرتها على القيام بأعباء إدارة رؤوس الأموال والتنمية المستدامة في مختلف الدول العربية.
وأكد الدكتور البنعلي، أن أهمية أسواق رأس المال تتصاعد بشكل كبير على مستوى الاقتصاد الدولي والوطني؛ نظرا لدورها الاقتصادي ولفاعليتها في استقطاب الموارد المالية وإعادة توجيهها واستثمارها. "لذلك لا بد من ضمان فاعلية هذه الأسواق، والعمل على تطوير مؤشرات أدائها، وهذا ما ينعكس بشكل مباشر على أسواق رأس المال العربية، التي تواجه تحديات كبيرة، وفي الوقت ذاته تتمتع بفرص كبيرة للنمو والتطور، ومن ثم يشكل المؤتمر فرصة مهمة للتباحث في واقع ومستقبل هذه الأسواق، وتحفيز قدرتها على الاستفادة من التغيرات والتطورات المحلية والدولية".
وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة قطر للأسواق المالية إلى أن العالم يشهد كذلك تطورات وتحديات أخرى على أكثر من صعيد، كلها تترك أثرا مباشرا على أسواق رأس المال، الأمر الذي يحتم العمل على مواجهة هذه التحديات وتحويلها إلى فرص، وهو ما يمثل أحد الأهداف الرئيسية للمؤتمر.
ومثل لذلك بما يشهده في الآونة الأخيرة من تطورات متسارعة في مختلف الميادين، خاصة في قطاع التكنولوجيا فائقة التطور، والتي تتمثل في تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل خاص، وغيرها من التقنيات التي تركت آثارها المباشرة وغير المباشرة على مختلف أوجه النشاط الاقتصادي، والقطاع المالي عموما وأسواق رأس المال على وجه الخصوص؛ مما أدى إلى ظهور فرص كبرى لتطوير تقنيات وآليات العمل في أسواق رأس المال، وبما ينعكس إيجابا على ما تقدمه من خدمات ومنتجات مالية تنوع وتعزز من الشمولية المالية، وتزيد من ثقة المستثمرين والمشاركين بتلك الأسواق.
كما لفت الدكتور البنعلي إلى أن التطورات التكنولوجية فرضت في الوقت ذاته تحديات جديدة، لا يمكن التعامل معها بالأدوات التقليدية ذاتها، ومن ثم فإن أسواق رأس المال العربية تجد نفسها في واقع تكنولوجي مليء بالفرص والتحديات والمخاطر، مما يتطلب العمل على استثمار الفرص ومواجهة التحديات؛ بما ينعكس إيجابا على استقرار أسواق رأس المال وقدرتها على القيام بوظائفها والحد من المخاطر التي تواجهها.
من جهته أعرب السيد خالد عبدالعزيز الحمود عضو مجلس إدارة هيئة السوق المالية السعودية، ورئيس اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية المنتهية ولايته، عن تطلعه لأن يكون المؤتمر فرصة مناسبة لتبادل المعرفة والخبرات والتعلم من حيث انتهى الآخرون لدعم دور أسواق رأس المال العربية كمحرك رئيسي للنشاط الاقتصادي، ومصدر تمويل الاحتياجات الاقتصاد، خاصة أن انعقاده يأتي في ظل تسارع تطور الأسواق العربية، وتنامي الدور الفاعل لهيئات الرقابة العربية على المستوى الدولي.
وقال:" نناقش اليوم التحديات الرقابية لأسواق رأس المال، ولا سيما ما يتعلق منها بحماية المستثمرين، وتعزيز الشفافية، وكذلك مستقبل هذه الأسواق، في ظل تزايد المنافسة وتعمق الأزمات والتقلبات والمخاطر المرتبطة بها، بالإضافة إلى التطورات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، والفرص المصاحبة لها، ولتحقيق الاستفادة من التطورات التقنية، من المهم الاستثمار في تطوير البنية التحتية لأسواق المال، وتعزيز القدرة المرتبطة بالابتكار، وتنويع المنتجات المالية".
وأكد أن هيئات الأوراق المالية العربية تمكنت من مواصلة أداء دور هام في المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الأيسكو)، إذ وصل عدد مقاعد أعضاء الاتحاد إلى خمسة مقاعد في مجلس إدارة المنظمة، بالإضافة إلى رئاسة لجنة النمو والأسواق الناشئة، وهي من أكبر لجان المنظمة، وكذلك رئاسة اللجنة الإقليمية لإفريقيا والشرق الأوسط، ومنصبي نائب الرئيس للجنتين.
كما شدد على أن هذه الهيئات قطعت شوطا كبيرا في مجال تطوير بنيتها الإلكترونية التحتية، بما يخدم قدراتها الرقابية من ناحية، ويدعم القطاعات الأخرى الفاعلة في مجال التقنية المالية لتمكينها من تقديم خدماتها بما يخدم جميع الأطراف في أسواق رأس المال، لذا نرى الكثير من هيئات الأسواق العربية، قد قامت بإطلاق كثير من مختبرات التقنية التي تدعم الابتكار في هذا القطاع، مبينا أن من أهم التطورات التقنية التي ساعدت في تفعيل دور أسواق رأس المال بالمنطقة في جمع المدخرات لدعم تمويل الاحتياجات الاقتصادية، منصات التمويل الجماعي التي بدأت تنتشر وتيسر وصول المصدرين للمستثمرين.
ومن جانبه، نوه السيد جليل طريف الأمين العام لاتحاد هيئات الأوراق المالية، في كلمة مماثلة، بعقد المؤتمر الثالث لأسواق رأس المال العربية بالدوحة، بعد عقد النسخة الأولى في مدينة دبي بدولة الإمارات عام 2014، والثانية بمدينة عمان في الأردن عام 2019.
وأبرز أهمية هذه النسخة من المؤتمر في إلقاء الضوء على التطورات التي تشهدها أسواق رأس المال والمنطقة العربية بشكل خاص، إضافة إلى القضايا الرقابية، والتكنولوجيا المالية، والبيئة، والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة، وكذلك سبل مواجهة المخاطر والتقلبات التي يشهدها العالم، بما يعزز مكانة أسواق رأس المال في المنطقة.
أما السيد تاجندر سينغ نائب الأمين العام للمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الأيسكو)، فتناول في كلمة ألقاها عن بعد، مجال عمل المنظمة واختصاصها باعتبارها هيئة وضع المعايير العالمية لتنظيم الأوراق المالية، مبينا أنها تضم اليوم أكثر من 130 عضوا يمثلون أكثر من 95 بالمئة من أسواق رأس المال في العالم.
واستعرض سينغ جوانب من الدور المنوط بأسواق رأس المال قائلا إنها ليست غاية في حد ذاتها، ولكنها وسيلة لتحقيق غاية هي تحسين حياة البشر وتوليد النمو وفرص العمل والمساعدة في حلول مشاكل المجتمعات، متناولا الدور الذي يجب أن تضطلع به هذه الأسواق لتكون جزءا من هذه الحلول.
ومثل للكيفية التي يمكن بها لأسواق رأس المال أن تلعب دورا في حل المشاكل العالمية ووجود أسواق رأس المال لخدمة أهداف مجتمعية أوسع، بقضايا "التمويل المستدام"، لمشاكل الاحترار وتغير المناخ.
وشدد على أن ما تحتاجه أسواق رأس المال لتعمل بفاعلية وتكون جزءا من حل مشاكل المجتمع هو: الثقة التي تقود في نهاية المطاف إلى حماية المستثمر، ونزاهة السوق، والاستقرار المالي باعتبارها أمورا مطلوبة على الصعيدين الدولي والإقليمي في المنطقة، "وإذا تمكنا من ضمان تنظيم الأسواق وفقا لأفضل المعايير العالمية، بما في ذلك في هذه المنطقة، فإن ذلك سيؤدي إلى الثقة، وإلى الأداء السليم للأسواق التي ستمكن النمو والوظائف والتنمية سواء في هذه المنطقة من العالم أو على الصعيد الدولي".
يذكر أن المؤتمر الذي انعقد على مدى يوم واحد، يسعى من خلال جمع خبراء الذكاء الاصطناعي مع خبراء أسواق المال إلى تحقيق أفضل استثمار ممكن للتكنولوجيا في أسواق رأس المال العربية، ويشارك في أعماله عدد من مسؤولي وصناع القرار الاقتصادي والمالي، وقيادات المؤسسات المالية العربية والإقليمية والدولية، ونخبة من الخبراء والمحللين الماليين وكبار المستثمرين، فضلا عن أساتذة جامعات وخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ممثلين عن الهيئات التنظيمية والرقابية، والأسواق المالية العربية والدولية.
وقد ترافقت مع انعقاده 3 اجتماعات منفصلة هي: الاجتماع السنوي الثامن عشر لمجلس اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، والاجتماع الثامن والعشرون للجنة رؤساء هيئات الأوراق المالية أو من يعادلهم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والاجتماع الخامس المشترك مع رؤساء الأسواق (البورصات) بدول المجلس.