ربما لم يتوقع الدبلوماسي القطري حين نظر في صورة طفل أفغاني مفقود أن يكون سببا في لم شمله بوالده المتواجد في كندا على بعد آلاف الأميال. كما لم يتوقع ذوو الطفلة اليتيمة مريم أن يروها مرة جديد بعد مقتل والديها في انفجار خلال الأحداث التي شهدتها أفغانستان في غسطس 2021 وأدت إلى فرار أعداد كبيرة خارج البلاد.
لكن أيادي قطر البيضاء لم تتوقف يوماً عن تقديم يد العون والمساعدة في جمع شمل الأطفال الأفغان الموجودين في قطر بذويهم، من بينهم طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات عاد إلى والده في كندا بعدما تعرّف عليه دبلوماسي قطري من صورة طفل مفقود. بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.
كما أن قصة الطفلة مريم تحمل في طياتها مآس كثيرة، حيث تسبب انفجار ضخم في أفغانستان مقتل والديها، وكان تبلغ من العمر حينها أسابيع قليلة، وقد جرى نُقلت على متن رحلة إجلاء من كابول إلى الدوحة ضمن الجهود القطرية لإجلاء آلاف الأفغان.
وبعد ما يقارب العامين في قطر، عادت الطفلة الأفغانية اليتيمة "مريم" التي يُعتقد أن عمرها حوالي 21 شهرًا وأطلق عليها في دار الأيتام اسم "مريم"، إلى أحضان عائلتها، والتقت مؤخراً بعمها يار محمد نيازي وشقيقها وشقيقتيها لاول مرة منذ الانفجار، بحسب وكالة فرانس برس.
ووفّر لم الشمل خاتمة مفرحة لعملية بحث يائسة عن مريم منذ أيام الفوضى في أغسطس 2021 عندما سيطرت طالبان على العاصمة الأفغانية مما أدى إلى حركة فرار جماعية.
وكانت الفتاة الصغيرة، واسمها الحقيقي أليزا ، تبلغ من العمر أسابيع فقط عندما قُتل والداها في انفجار ضخم ومعركة بالأسلحة النارية في مطار كابول أودت بحياة 183 شخصًا في 26 أغسطس.
نقلت الوكالة الفرنسية عن مسؤول قطري قوله إنه في خضم الهجوم أمسكها فتى صغير وحملها على متن طائرة عسكرية أميركية أقلت أفغانًا ومقيمين تقطّعت بهم السبل إلى الدوحة.
وقد وجدت "مريم" منزلًا جديدًا في دار للأيتام في قطر، بينما بقي شقيقها الأكبر وشقيقتاها في أفغانستان، وكانت هي الأصغر بين حوالي 200 طفل أفغاني تم إجلاؤهم بمفردهم على متن الرحلات الجوية التي نقلت عشرات الآلاف من أفغانستان.
وقال المسؤول القطري "استقبلناهم وقدمنا لهم رعاية متخصصة ... عملنا مع (منظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة) يونيسف لمعرفة ما إذا كان هناك أي أفراد من الأسرة على فيد الحياة".
وسرعان ما تدفقت على وكالة الأمم المتحدة للأطفال طلبات من عائلات عائدة إلى أفغانستان تبحث عن أقربائها المفقودين. وبعد ستة أسابيع من انفجار كابول، تمكّن مراقبو الأمم المتحدة من تحديد هوية الطفلة.
وقال المسؤول القطري "اتّصلوا بنا لإجراء اختبارات الحمض النووي".
واستغرق نقل نتائج الاختبارات بين الدوحة وكابول مزيدًا من الوقت، بينما انتظر نيازي لشهور للحصول على جواز سفر من سلطات طالبان حتى يتمكّن من نقل عائلته إلى قطر.
وقال نيازي البالغ من العمر حوالي 40 عاما وهو أب لاربعة أطفال "لم أكن أعرف ما إذا كنا سنعثر عليها ... والآن يحدوني شعور أعجز عن وصفه. عندما حملتها أدركت انها على قيد الحياة فعلا".
وأضاف إنه سيبدأ عملية الانتقال إلى الولايات المتحدة مع زوجته وثمانية أطفال تحت رعايتهما الآن.. "كل ما نتطلع إليه هو أن نكون في مكان آمن".
وذكر لوكالة فرناس برس، أن الفتاة الصغيرة ستحتفظ باسمها الجديد لأنه الاسم الذي تجيب عليه.
وقد تمّ لم شمل أطفال آخرين في دار الأيتام في قطر مع أفراد أسرهم، وتبلغ أعمار معظم الأطفال الآخرين ثماني سنوات على الأقل، وقد انضم العديد منهم الآن إلى أقربائهم أو تم تبنيهم من قبل عائلات في الولايات المتحدة أو كندا أو أوروبا.
جدير بالذكر أن الجهود الإنسانية لدولة قطر سهلت إجلاء 80 ألف شخص، بمن فيهم الأفغان المعرضون لخطر كبير والرعايا الأجانب، وتزويدهم بالدعم الأساسي في الدوحة، بما في ذلك المأوى والرعاية الصحية. بحسب وزارة الخارجية.