تطورت رؤية الاستثمارات القطرية في المملكة المتحدة على مدار السنوات الـ14 الماضية بدءا من الاستحواذ وحتى اقامة شراكات استراتيجية، حيث توجهت قطر في البداية إلى الاستثمار في سوق العقارات وشراء الابنية والأراضي وغيرها من الاصول الثابتة، بجانب اقامة أضخم شراكة استراتيجية في مجال الطاقة مع المملكة المتحدة، وذلك في عام 2009، وهي مشروع شركة ومحطة ساوث هوك للغاز، حيث من المتوقع أن يتم زيادة استثمارات قطر في محطة ساوث هوك للغاز خلال السنوات القادمة، بما يجعلها من أوائل الدول المصدرة للغاز الى المملكة المتحدة، ووفق ترتيب حجم الاستثمارات الأجنبية في المملكة المتحدة تحتل الاستثمارات القطرية في المرتبة الثانية في هذه القائمة بعد الصين.
خلال السنوات الـ14 السابقة بدأت الاستثمارات القطرية تستحوذ على أهم المشروعات والمؤسسات البريطانية، ووفق مؤسسة « MSCI» الدولية للاستشارات الاستثمارية فإن قطر تمتلك نحو 2.1 مليون متر مربع من العقارات والابنية السكنية في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وهي ما تعادل مرة ونصف من حجم حديقة هايد بارك في لندن، كما تمتلك قطر 20% من الشركة القابضة المالكة لمطار هيثرو الدولي، والتي تقدر ب 1.3 مليار جنيه استرليني، بجانب امتلاكها 15% من أسهم سلسلة متاجر سينسبري البريطانية، بقيمة 730 مليون استرليني، وتمتلك قطر ما نسبته 6.4% من أسهم بنك باركليز البريطاني بقيمة 2 مليار جنيه استرليني، واشترت قطر متاجر هارودز بقيمة 1.5 مليار جنيه استرليني، كما استحوذت قطر على مؤسسة سونجبيرد التي تمتلك أهم البنايات والعقارات في منطقة كناري وارف في شرق لندن بقيمة 2.6 مليار جنيه استرليني، واشترت قطر منطقة برج شل، وتمتلك 7% من بورصة لندن، وتمتلك قطر أطول بناية في أوروبا وهي برج شارد والأبنية المجاورة له، وتمتلك قطر أيضا مشروع ثكنات تشيلسي، ومشروع مقر السفارة الأمريكية السابق في لندن ومشروع تطوير منطقة اليفانت أند كاسل في شرق لندن، كما تمتلك القرية الأوليمبية التي استضافت لاعبي بطولة الدورة الأوليمبية التي عقدت في لندن عام 2012 وتم تحويلها إلى مساكن اقتصادية تخدم خطط الحكومة البريطانية لتوفير السكن الملائم للبريطانيين وبأسعار ملائمة، وتأتي الاستثمارات القطرية الاستراتيجية في مجال الطاقة في مقدمة الاستثمارات حيث تعد الأضخم بالنسبة للبلدين قطر والمملكة المتحدة، حيث تمتلك قطر نسبة 70% من شركة ومحطة ساوث هوك للغاز، وتعتمد بريطانيا على هذا الاستثمار الاستراتيجي الهام وبشكل اساسي خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية قبل عام، وتوقف ضخ الغاز والبترول الروسي الى بريطانيا وباقي دول اوروبا، وتقوم قطر من خلال هذا الاستثمار الاستراتيجي بتأمين ما نسبته 25% من احتياجات المملكة المتحدة من الغاز الطبيعي.
وتسعى قطر خلال محادثاتها مع المملكة المتحدة لتطوير استراتيجية التعاون بينهما خاصة في مجالات مثل مجال الطاقة، ولا تزال المحادثات جارية بين لندن والدوحة بشأن صفقة توريد كبيرة جديدة طويلة الأجل، ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق إلى الحد الذي تستثمر فيه قطر الملايين اللازمة لزيادة قدرة ساوث هوك بنسبة 25 في المائة، حيث تأتي الاستثمارات القطرية في مجال الطاقة في المملكة المتحدة على قمة الاستثمارات، فمنذ عام 2009 عند بدء وصول أولى ناقلات الغاز القطري إلي المملكة المتحدة وحتى الآن وتوفر قطر ما حجمه 25 ٪ من احتياجات المملكة المتحدة من الطاقة وذلك عبر محطة «ساوث هوك» الواقعة في جنوب غرب بريطانيا، وجاءت الصفقة الثنائية بين قطر والمملكة المتحدة، وهي لتخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادته إلى صورته الغازية عبر محطة «أيل أوف جرين» والتي سوف يبدأ العمل بها في عام 2025 لمدة 25 عاما، مما يسمح لقطر بالاستفادة من السعة التخزينية في المحطة والتي تصل قدرتها الى 7.2 مليون طن في العام، وهذا الاستثمار سوف يدعم توريد الطاقة الى المملكة المتحدة كي يصل إلى جميع المستهلكين.
ووفق أحدث قائمة للاستثمارات الأجنبية في المملكة المتحدة، تأتي الاستثمارات القطرية في المرتبة الثانية بعد الاستثمارات الصينية، حيث بلغت قيمتها 40 مليار جنيه استرليني، بينما الاستثمارات الصينية بلغت 51 مليار جنيه استرليني، أما القيمة الإجمالية للاستثمارات الخليجية في المملكة المتحدة فقد بلغت 140 مليار جنيه استرليني، حيث تصدرت الاستثمارات القطرية القيمة الأكبر من هذا الحجم ويليها المملكة العربية السعودية والإمارات وسلطنة عمان والكويت، ولم تقتصر الاستثمارات القطرية على الاستحواذ او شراء الأصول لبعض العقارات والشركات بل اعتمدت ايضا بجانب الاستثمار التقليدي هذا، على اقامة شراكات استراتيجية مع الشركات البريطانية والمؤسسات العقارية وأيضا البنوك، مما جعل الاستثمارات القطرية ذات قيمة بالنسبة للبلدين قطر والمملكة المتحدة.