مونديال قطر 2022 بات فخراً لكل عربي، بعد أن برهن القطريون أن الشعوب العربية قادرة على الإبداع عندما تُمنح لها الفرص، ولديها رسالة حضارية وإنسانية يمكن أن تصل إلى العالم، وتحمل له خصال التآخي والمساواة بين البشر.
أولى هذه الرسائل وأهمها على الإطلاق، أن الشعوب العربية تواقة للوحدة، ولا زالت تُعلي مداميك وصروح وبنيان الوحدة العربية، في الوقت الذي يصرّ فيه الغرب على بث عوامل الفرقة والتشرذم بين هذه الشعوب، كي تبقى في حالة تنافر وتناقض، وتنخرط في صراعات فيما بينها، كي يسهل السيطرة عليها، ونهب خيراتها ومواردها، وسرقة ثرواتها ومقدراتها.
وتؤكد الاحتفالات التي تجتاح الشارع العربي، عقب كل انتصار يسطره منتخب عربي في المونديال، بالدليل القاطع، أن أبناء أُمتي المليار ويزيد، ما زالوا يتوقون للوحدة، بحسبانهم أبناء لغة ودين، خصوصاً وأن دينهم يحضّ على نبذ الفرقة والتشرذم، وينهض على الاعتصام بحبل الله المتين، ويحول دون أن يكون للتنافر والتباغض والتحاسد، موطئ قدم في نفوسهم وعقولهم وتفكيرهم.
ويجمع المراقبون والمواكبون للمونديال القطري، على أن تجربة إقامة الحدث الكوني على أرض عربية، تجاوزت التضامن الإنساني، وأظهرت البعد العروبي، ورفض التطبيع وما يسمى زوراً اتفاقيات السلام، وهذا ما تجلى برفض الوجود الإسرائيلي على الأرض القطرية.
ووفقاً للكاتب الفلسطيني سهيل كيوان، فإن قطر كشفت عن الشخصية العربية والتراث العربي، ووحدة الدم والهدف، وقبل كل ذلك الكرم العروبي الأصيل، خلال هذا البرلمان العربي المنعقد في دوحة الخير، وليس أدل على ذلك من أن قطر ستتبرع ببعض ملاعب المونديال لبلدان عربية شقيقة.
يوالي لـ"الشرق": "يحق لكل عربي أن يتباهى بالخيمة العربية الأصيلة، وأشرعة السفن، التي أنشأت ملاعب المونديال على أشكالها، وأن يفخر بالغترة والعقال، لا سيما وقد اجتهد الاحتلال في إعلامه وأفلامه، لتكريسها رمزاً للإرهاب، وفي أحيان كثيرة، حاول السطو عليها، ونسبها لتراثه المزعوم.
ويعلّق الكاتب والناقد محمود السقا، موضحاً أن المونديال القطري حمل في ثناياه رسائل للعالم، تتعلق بوحدة الوجدان والمصير العربي المشترك، والإجماع على رفض دولة الاحتلال وما تمارسه من سلوك إجرامي وعنصري بحق أبناء الشعب الفلسطيني، ورفض التطبيع والتعاطي العربي معها.
وأبان السقا أن المونديال القطري فرض مقاطعة عربية على الاحتلال، وعزز المشاعر السلبية والمعادية لهذا الكيان الغاصب، وفي المقابل ضاعف من وحدة الموقف والمصير للشعوب العربية، مضيفا: "قطر قدمت نموذجاً يحتذى للانتماء العروبي والإنساني".
وفي الشارع العربي، تخرج المسيرات والاحتفالات العفوية والجماهيرية، عقب كل انجاز عربي بالمونديال القطري، فتسمع الهتافات وترفرف الأعلام العربية، بما فيها تلك التي لم تشارك منتخباتها في المونديال، وتحتشد الجموع في الميادين، في فرحة عربية مشتركة من المحيط إلى الخليج، مؤكدين أن قطر وحدت الأمة العربية والإسلامية، من خلال تنظيم أول مونديال على الأرض العربية.