عيد الأضحى كما عيد الفطر، هو بهجة الصغار والكبار على حد سواء في كل بلد من بلدان العالم الإسلامي من مشارق الأرض ومغاربها، ويوم النفوس الكريمة تتناسى فيه أضغانها، فتجتمع بعد افتراق، وتتصافى بعد كدر، من أجل ترسيخ روابط الأخوة والمحبة بين الأقارب والجيران ، وفي قطر، مثل باقي العالم الإسلامي، تتأهب الأسر لاستقبال العيد بأزهى الصور، ويستعد رب الأسرة لاقتناء أضحية العيد، متحريا في ذلك سنة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وإحياء لذكرى سيدنا إبراهيم (عليه السلام)، التي حكى الله عنها عز وجل في سورة الصافات وانطلاق مهرجانات تقليدية عظيمة .
حيث بعد أن تم الاختبار والابتلاء يأتي الفرج من الله ويفدى سيدنا إسماعيل عليه السلام بذبح عظيم.. ومضت بذلك سنة النحر في الأضحى، ذكرى لهذا الحادث العظيم الذي يرتفع منارة لحقيقة الإيمان، وجمال الطاعة، وعظمة التسليم، التي تعلمنا التضحية في سبيل الله بكل غال ورخيص بالنفس والمال والولد، وشكرا على نعم الله تعالى ، ويصطحب رب الأسرة معه أبناءه وأفراد أسرته إما إلى الأسواق المخصصة لبيع الأنعام، أو إلى /العزب/ (حظائر تربية الأنعام)، ليشتركوا جميعا في عملية الشراء.
وما يزال أهل قطر، أوفياء للعادات والتقاليد في عيد الأضحى، بما يتوافق مع ديننا الحنيف، وهي عادة تراثية رغم رياح المدنية والحداثة التي غزت كل مكان في العالم. إلا أنهم من أجل الحفاظ على نظافة البيوت والفرجان، والمساهمة في نشر الثقافة البيئية، يقصدون المقاصب التي وفرتها الجهات المعنية التي وفرت البياطرة المختصين والأيادي العاملة الماهرة، ويحضرون برفقة أبنائهم في أجواء احتفالية للوقوف على أضحيتهم، ابتغاء للأجر والثواب، ويوزعون لحمها على الأقارب والأصدقاء والفقراء والمساكين، ومنهم من يبقيها لنحرها في ثاني أو ثالث أيام العيد وهي (أيام التشريق).
وفي هذا السياق قال السيد عتيق السليطي، باحث في التراث في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: "في السابق عندما كان رب الأسرة يعقد النية على أن يضحي في عيد الأضحى أو عيد الضحية أو الضحايا كما يقال بحسب اللهجة القطرية، فإنه يتوجه إلى سوق /الدبش/ كما يسمى، وكان مكانه سابقا في سوق الدوحة شرق سوق واقف وغرب المجلس البلدي اليوم، وينتقي الأضحية (الخروف أو الشاة في الأغلب) الصحيحة التي تنطبق عليها شروط الأضحية، فتراه يتفقدها من ناحية السمن والتأكد من أنها ليست هزيلة أو كبيرة في السن، ولا بد أن تكون خالية من العيوب مثل العرج أو كسر الأسنان والقرون، وبعد التأكد من كل تلك الأمور تبدأ عملية المفاصلة على سعرها حتى التوصل إلى السعر المناسب، ومن ثم نقلها بالسيارة إلى المنزل وأثناء السير على الطريق ينبغي المرور على محال الأعلاف الواقعة في الساحة بالقرب من ذلك السوق في وسط الدوحة، حيث جرت العادة أن يقوم رب الأسرة بشراء الأضحية قبل عدة أيام من حلول العيد وإبقائها في المنزل وإطعامها من الأعلاف التي تم شراؤها، أما الأبناء فيترقبون وصول والدهم إلى المنزل ومعه الأضحية وما إن يصل الأب حتى ترتسم الفرحة على وجوه الأطفال وهم يشاهدون دخول الأضحية إلى المنزل".