الصناعة في قطر والدور الحكومي القطري يشتهر بالدعم الحكومي اللامتناهي، والتركيز الكبير على تفعيل دور ممثلي القطاع الخاص في تحقيق رؤية قطر 2030
نشر موقع «euronews» الناطق باللغة الفرنسية، تقريرا أكد فيه النمو الواضح للصناعة في قطر، وذلك على اختلاف أنواعها، مقدرا نسبة التطور الذي شهده القطاع خلال الخمس سنوات الأخيرة بحوالي 70 %، مرجعا الفضل في ذلك إلى العديد من المعطيات في مقدمتها الدعم الحكومي اللامتناهي، والتركيز الكبير على تفعيل دور ممثلي القطاع الخاص في تحقيق رؤية قطر 2030،
ووصف التقرير الصحوة التي يمر بها القطاع الصناعي في قطر بـ «العمود الأساسي في عملية تشمل الاقتصاد المستقبلي لقطر»، والذي ترمي بواسطته الدوحة إلى الخروج مما يعرف بدائرة التبعية الطاقوية، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة إطلاق رجال الأعمال القطريين للمزيد من المشاريع الصناعية بشتى أنواعها.
وقال عدد من رجال الأعمال إنه لا يمكن لأي أحد كان إنكار القفزة النوعية التي سجلها القطاع الصناعي في قطر خلال المرحلة الماضية، مستدلين في ذلك بالأرقام التي تعلن عنها الجهات المختصة بهذا المجال، في حين شدد البعض الآخر منهم على جودة ونوعية المنتجات الوطنية بشتى تخصصاتها، في ظل اعتماد منتجيها على إحدى التقنيات المستغلة في عالم الصناعة خلال المرحلة الأخيرة، وهو ما يؤهلها لمنافسة المنتجات المستوردة في الخطوة الأولى، ومن ثم فرض نفسها حتى في الأسواق القريبة داعين الجهات المسؤولة إلى الاستمرار في العمل جنبا إلى جنب مع ممثلي القطاع الخاص، والاستمرار في تقديم التسهيلات اللازمة للحفاظ على نسب النمو المسجلة لحد الآن، ومن بينها تسهيل عمليات الوصول إلى المواد الخام.
نمو حقيقي
وفي حديثه لـ "الشرق" بين الدكتور خالد البوعينين رئيس مجلس إدارة مجموعة فيتكو القابضة حقيقة النمو الذي حققه القطاع الصناعي في الدولة خلال الأعوام القليلة الماضية، بالحديث عن المصنع الخاص به، والذي انفرد خلال أزمة كوفيد 19 بتلبية حاجيات السوق المحلي، بعد توجهه إلى زيادة حجم الإنتاج والوصول بها إلى أرقام كبيرة جدا، من شأنها تلبية الطلب الوطني، معتبرا مصنعه واحدا من بين المصانع التي سارت وفق نفس النهج، في الفترة ذاتها التي شهدت ظهور العديد من المشاريع الصناعية في قطر.
وأضاف البوعينين أن المنتج الوطني قطع أشواطا كبيرة في تثبيت مكانه في السوق وهو الآن ينافس بقوة سواء من حيث جودة المنتج أو من حيث الأسعار، منوها بالمجهودات التي تبذلها الجهات المسؤولة من أجل حماية المنتج الوطني، من خلال سن العديد من التشريعات الرامية إلى ذلك، والعاملة على ضمان حق المصانع الداخلية من عرض منتجاتها في مساحات تليق بها، كاشفا عن بدء تشغيل خط إنتاج ضخم بمصنع الشركة قادر على إنتاج نحو 200 طن يوميا، قائلا بأن خط الإنتاج الجديد القادر على إنتاج 12 عبوة من كل صنف من جميع الأصناف بسعة 5 لترات، خلال نصف دقيقة، يضاف إلى خطوط الإنتاج السابقة، ما يشير إلى أن مصنع فيتكو أصبح مصدرا من مصادر المواد الأولية المحلية القادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي بصناعة المنظفات والمعقمات.
اهتمام حكومي
من جانبه شدد رجل الأعمال صالح العذبة مالك مصنع راك للمنظفات على النمو اللامتناهي الذي شهدته الصناعة الوطنية في العديد من القطاعات، والتي تمكنت فيها المصانع الداخلية من تحسين قدراتها في نوعية البضائع، وحتى كميات الإنتاج، ما جعلها اليوم قادرة على تغطية نسب معتبرة من حاجيات الأسواق المحلية، مبينا المجهودات الكبيرة التي بذلتها المصانع المحلية خلال الأعوام القليلة الماضية، حيث ركزت على لعب دورها الكامل في تمويل أسواق التجزئة المحلية، حرصا منها على مواكبة القفزة النوعية التي حققتها الدولة، والتماشي مع رؤية قطر 2030، المبنية في الأساس على التقليل من الاستيراد، والاعتماد على المنتج الوطني.
وتابع العذبة أن النمو الذي حققته الصناعة المحلية لم يكن ليحدث لولا الاهتمام الحكومي الكبير بهذا القطاع، والحرص الشديد على النهوض به، وهو الذي يعد أحد أهم عوامل بناء الاقتصاد القطري المستقبلي، والذي سيقوم أساسا على تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال، ما يمكن بلوغه بفضل العائدات المالية الخاصة بصادرات المصانع المحلية، التي من شأنها تعزيز سلاسل توريد الاقتصاد الوطني، والسير به نحو تسجيل أرقام أفضل خلال المرحلة المقبلة، لافتا إلى شروع العديد من المصانع القطرية في التصدير نحو العديد من الوجهات، بما فيها مصنع راك الخاص به، والذي وقع مؤخرا مجموعة من اتفاقيات التوريد نحو مصر، التي تعتبر وجهة رئيسية للمصانع القطرية، بالنظر إلى مميزات أسواقها العديدة، مستغلا في ذلك الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها الدوحة من الجانب اللوجستي.
منتج تنافسي
بدوره قال رجل الأعمال خالد طامي الهاجري الرئيس التنفيذي لشركة قطول لزيوت التشحيم بأن زيادة حجم الإنتاج من طرف المصانع المحلية، والوصول به إلى أرقام كبيرة لا يمكن مقارنتها بما كانت عليه الأوضاع في السابق، صاحبه أيضا الحرص على تقديم سلع تنافسية من حيث الجودة والأسعار، وهو ما نجحت فيه أغلب المصانع المحلية خلال الفترة الأخيرة، بعد أن تمكنت من عرض سلع لا تقل نوعية من تلك القادمة من مختلف دول العالم، ولا تبتعد كثيرا عنها من جهة السعر وقيمة البيع، ما يستدعي من المستهلكين اليوم العمل على دعم السلع الوطنية، وإعطائها أولوية أكبر خلال الجولات التسويقية.
وأكد الهاجري أن المصانع القطرية تعمل بدأب على تقديم منتجات تلبي توقعات العملاء وتحقق معايير الجودة العالية، مما يجعلها قادرة على فرض نفسها في البيئات المختلفة، ضاربا المثال بشركة «قطول» التي تحرص بشكل أساسي على تبني سياسة تسويقية جادة، حيث تختار الكفاءات المناسبة للتوسُّع بسرعة نحوالأسواق المستهدفة، قائلا: «نحن في قطول نستند على أحدث التقنيات الصناعية، ونحرص على التواصل المباشر مع عدة جهات حكومية لتعزيز تواجد المنتجات الوطنية في السوق المحلية وحمايتها من المنتجات المستوردة التي لا تلتزم بالمعايير العالمية، والتي تتنافس دون الأخذ بعين الاعتبار الجودة أوالمعايير المطلوبة».
المواد الخام
من جانبه صرح رجل الأعمال عبد الله المنصوري بأن تحقيق القطاع الصناعي في قطر للمزيد من الأرقام الإيجابية في الفترة المقبلة، يتطلب منا التعرف على العقبات التي قد تتعارض مع ذلك، والعمل على حلها من أجل تمكين المصانع الوطنية من التماشي وفق خطتها المستقبلية، مبينا أن أحد أهم ما يجب الحرص على تحسينه في المرحلة القادمة، من أجل إعطاء المستثمرين المحليين القدرة على توسعة مشاريعهم، هو توفير المواد الخام في السوق بالكميات المطلوبة، ما سيرفع من الاستطاعة الإنتاجية للمصانع.
وأضاف المنصوري أن توفير المواد الخام يجب بأن يتم عبر المصانع الوطنية التي تنتج هذا النوع من البضائع، مشيرا إلى اتباع المصانع المذكورة في المرحلة الأخيرة لنهج قد يعطل النمو الصناعي داخل الدولة، من خلال توجهها نحو تصدير السلع الخام نحو الأسواق الأخرى، ما يصعب عملية الوصول للمواد الخام بالنسبة للمنتجين المحليين ويدفع بهم إلى الاستيراد، بشكل يؤثر حتى على تنافسيتهم في السوق ويدفع بهم إلى بيع منتجاتهم بأسعار مرتفعة نوعا ما مقارنة بالبضائع المنتجة بمواد خام مصنعة وطنيا.